الاربعاء 03 يوليو 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
الحب في زمن العولمة - صبحي فحماوي
الساعة 12:56 (الرأي برس - أدب وثقافة)

 

في اللّيل البهيم، يكاد سائد الشواوي أن يشاهد أشباحاً متحركة طويلة سوداء، بأذرع عديدة تتماوج في الهواء، وأرواحاً هائمة! على شكل بقع ضبابية سابحة في الفضاء المعتم، تجتاح أفرع الأشجار الباسقة، فلا تعرقلها، ولا تتأثر باصطدامها بأعمدة الكهرباء، أو الهاتف، ويسمع أنيناً مخنوقاً لموتى يتألمون تحت الأرض، وحوافر خيل تطارد على البلاط المحيط بمشروع قصره الذي بناه على الرابية الغربية من مدينة العولمة، ليكون بعيداً عن العمران المكتظ، بعد أن أقنعته زوجه أسمهان، بأن في البُعد عن الناس هدوءاً، وراحة لأعصابه المنهكة! التي هدّها الزمن، وثقلت عليها هموم الحياة، وهذا البُعد، جعل أضواء أعمدة الكهرباء، التي تهاجمها الغيوم المجنونة، والضباب الكثيف الذي يُغلِّف نورها، غير قادرة على تجسير الحياة حوله، وحيث أن الطبيعة تكره الفراغ، فلقد ترسخ الخوف في قلبه، بأنواء محيط قصره!

وتكاثفت حركات الأشباح حوله، خاصّة عندما تهبُّ رياح عاصفة! فإنه يسمعها ممزوجة بصهيل خيولٍ مندفعةٍ، تقذف بنفسها في اتجاهات متعاكسة! تريد أن تقطع حبالها، وكأن الضِّباع الشّرسة، تهاجمها على أطراف المدينة! 
 

كان الشواوي يحاول أن يطرد تلك الشرور، والأحاسيس السوداوية التي تعصف بكيانه، تذكّر كلمات أغنية قادمة من الجزيرة العربية تقول : 
" الحياة صارت ثقيلة ، وابتسامتي قليلة" لا بل صارت ابتسامته معدومة، فإن التقرير الذي قدَّمه الدكتور الألماني (فريدريش) عن حالته الصحية، كان مرعباً لجميع أفراد عائلته ومعارفه، ومن لهم علاقة به! كان عنوان التقرير (نقص المناعة)! 
"(إيدز)! صاح السائق بركات الأسمر مفجوعاً!" ولكن أم سفيان المصدومة بالخبر، قالت وهي تبكي : "يا جماعة؛ تقرير الدكتور يقول (نقص مناعة) ولم يقل (إيدز)! وقد تكون هناك أسباب عديدة لنقص المناعة، وليس بالضرورة أن يكون ما تتخيلونه صحيحاً!" صارت عيناها بقعتي دماء، يتواصل انهمارُ دموعهما، على شكل ساقية .

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24