الجمعة 26 ابريل 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
ن ……….والقلم
اشتقت للسفر... !! - عبد الرحمن بجاش
الساعة 13:01 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)



12 ابريل 2018

قل لي إلى أين تسافر؟ كيف تسافر؟ مع من تسافر؟ سأقول لك من أنت …
ربما هي أسئلة جديده ، لكنها تتحدث عما فقدناه في حياتنا هذه اللحظة الفارقه …
يقولون إن للسفر سبع فوائد ، والا تسافر ففي عدم السفر 17 سيئة ، اهمها انك تتكلس وتصير عدما….

اشتقت لغبش الفجر وشهقته ، حين امتطي صيفا راحلتي ، وايمم وجهي صوب نقطة البدايات ، لا غيرها ، أين استكبت ، هناك في ازقتها ، وحواريها ، قل انني تركت الروح في حافة اسحاق ، وذهبت، لكن الدفئ وشلال الضوء الذي يعمر قلبي ما يزال يمدني ، بطاقة لا تنضب من الحب …

اشتقت لتثاؤب شوارع صنعاء التي أمرها فجرا، احث الخطى نحو منبع الشمس ، فأكحل عيني بمشهد مخاوصة الشمس للأرض من وراء جبال الشرق التي تنتجها ضحى كل فجر ….

لا احد يسمع همس المنازل الا العاشق، لا احد ينصت ويفهم همس الاحجار ، الا محب ، لا احد يتلمس انامل هي من ترسم الصبح عشقا الا من يدري سر المرأة المدينة ….

اشتقت لصوت المآذن تشق سحب السماء ، تصعد بك من الحان الأرض ، فتحس فجرا انك تسموا وتتحول إلى نتف من سحب الصباحات الملونة بقمريات صنعاء الخجولة حياء ….

اشتقت للضوء الذي يسبقني تطارده راحلتي ، وكلما دنت منه ، راح منها ، يضيئ دروب العمال الذين يقومون غبشا ، يبحثون عن رزق الله ، عرقا ولا احلى من عطور اجمل فاتنات الدهر نسوة يعرفن كيف يعطرن ضحكة الفجر بعبير مشاقرهن ….

اشتقت حتى لصوت الراحلة يحملني إلى البعيد ، فانا فجرا اتحول إلى كائن ليس من ذرات الغبار ، بل إلى حزمة من ورود …

كم اشتقت إلى يسلح اصعد إليه ، لأطل على نسيم الفجر ، يأتي من حاشية امرأة هناك في قاع جهران، تلملم بيديها خضرة الروح ما تبقى من شجن الليل وحكاياته ، ربط من زهور ، وحشائش خضر ، ملونة بانفاس الفجر الندي ….

كم اشتقت إلى ذلك الانحدار يهبني المتعة ، إذ يقربني من الصبح ، يكون الفجر قد استأذن ، وعاد أدراجه إلى صنعاء ، وسلمني إلى شروق ذمار ….

كم اشتقت إلى احلى قهوة طعما ، ودفئا ، يصنعها صاحبي هناك في يريم ، تحيطه اياد تمتد بنبل العمال ، قل هي كدمة الصبح في يد عامل يسعى إلى رزق أولاده فجرا، ترتعش حبات عرقه لحظة أن تدنو من شفتي الأرض حبا للعمل …

كم اشتقت إلى الشمس تطارد الليل عند ذاك الصعود إلى قمة سماره حيث تتنفس هامتها بالغيم وحبات المطر ….

كم اشتقت إلى كاميرتي اسجل بها تلك اللحظات المرتعشة صبحا من شمس ودفئ امرأة تعرف الحب على أنه انصهار الأرض بمحيطها من بشر جميل ،اوله امرأه واخره رجل …

كم اشتقت لاب الغروب والمشنه ، وعمال الفجر يقفون عند مفرق العدين يبحثون عن رزق اخضر في حقول تحتضنك وتحتضن المدينة التي أمرها وهي لم تزل تتثاءب …..

كم اشتقت إلى الدخان يصعد من بيوت القرويين يؤذن ببداية يوم يتمناه زارع الخضرة رعد وبرق يسيل من عينيها سيول من مزن المطر يثبت الالوان في الحقول وعيون الصغار الذي يلحقون حيواناتهم ، يغيبون وسط الخضرة المحفوفة بامان الصبح ، وبلل العرق …

كم اشتقت إلى الشمس يخيل إليك صبحا ، أن قمة العروس قد اعتمرتها كوفيه ….

كم اشتقت لصوت حتى المترات تمخر عباب الحوبان بدخانها الابيض ، يذكرك بالغمام الذي يظل يسير على الطرقات بين القاعدة والحوبان …

كم اشتقت إلى غبش تعز ، وفجرها، وشارع 26 ومدرستي ، ومقهاية الابي، وأحمد الدجنه ينظم المرور ، وخمير بيت شولق ، وحلاوة اللحجي ، وباب الكبير ….

كم اشتقت إلى زغاطيط حافة اسحاق ، ومسجدها، ومخلافيتها، وعباديتها ، وعصيوران ، والعم غشيم، وبيت قائد علي ، والشحميه ….

كم اشتقت إليك يا صبر ، كم اشتقت لاشراقة الصبح ، شلالات من ضوء تتذرذر على روحي من بين عيني صالة والجحمليه ، فتغمرني ، وتغمر الحواري ، والانفس ، يتحول كل شيء إلى أغنية من غصن السلام …
كم اشتقت لفيروز تغني للصبح ، ولشمس ، الشموس …ولتعز اليمن ...
كم اشتقت للسفر ….

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24