الأحد 07 يوليو 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
شكرا... شكرا... لـ الكاتب الياباني : ياسوناري كاوباتا - ترجمة : عبدالله الساورة
الساعة 09:31 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 كم سيكون رائعا هذا الخريف  في الجبال، وعاما جيدا لمزارعي الكاكي.
 في المدينة المينائية من الطرف الجنوبي لشبه الجزيرة يجلس سائق  الحافلة في  قبو قاعة الانتظار المتواجدة بالطابق الأول عند نهاية المحطة الأخيرة للحافلات، حيث تتراص الأكشاك المتواضعة لبيع الحلويات. 

 

 في الأمام  كانت الحافلة الحمراء الكبيرة رابضة تنتظر المسافرين يزينها علم أرجواني.
باغتت المرأة التي  كانت واقفة صحبة ابنتها وممسكة بكيس من الورق مع الحلوى، السائق الذي بدأ في عقد خيوط  حدائه.

 

 ـ  محظوظة أنا  اليوم أني  سأكون مسافرة معك، حتما ستقودنا إلى هناك ومن واجبي أن أتقدم لك بالشكر، إنها إشارة جيدة على أن شيئا جيدا سيحدث.
نظر السائق إلى الطفلة التي كانت بجوار المرأة ولم ينبس  ببنت شفة.
ــ  لن  يستمر الوضع على هذا الحال إلى الأبد ... و فصل الشتاء على الابواب... سيكون من العار إرسالها في هذا البرد. إذا على أي حال علينا أن نفعل ذلك ، يظهر لي أنه من المناسب القيام بهذا في هذا الوقت المناسب. لذا قررت مرافقتها حتى هناك.
أومأ السائق بدون أن ينطق، مشى باتزان  كجندي إلى الحافلة، لتهيئة وسادة مقعده.
ــ من فضلك سيدتي  خذي  مكانا  هنا في  الأمام... لا وقت نضيعه في الكلام... ينتظرنا سفر طويل ....
اتجهت المرأة الى قرية نائية، كان يلزمها أن تجتاز متاريس السكك الحديدية وتطوي ما ينيف  على ستين كليومترا لبيع  ابنتها.

 

 كان الاهتزاز على طول الطريق الجبلية، بينما ظلت الفتاة  الصغيرة تحدق بعينيها في ظهر السائق الذي كان تماما قبالتها.  شغل الزي الأصفر رؤيتها مثل عالم في حد ذاته.  الجبال التي تظهر، تروح وتأتي، عبرها قطعت الحافلة ممرين  جبليين عاليين جدا.
اجتاز عربة تجرها الخيول، أشار لها بالاجتياز.
شكرا

 

كان صوت السائق واضحا عند التحية مع إيماءة ودية للرأس، مثل نقار الخشب.
التقت  الحافلة عربة مملؤة  بالأثات مجرورة بالخيول سمح لها بالمرور.
ـ شكرا
عربة
ـ شكرا
عربة تجرها دارجة هوائية
ـ شكرا
حصان...
ـ شكرا
كان السائق على طول الطريق يتمتع بسمعة طيبة بين سائقي العربات، والعربات الصغيرة  والفرسان.
عندما وصلت الحافلة إلى ساحة القرية في حلكة الظلام، بدت الفتاة خائفة وشعرت بالدوار، وساقيها ترتعشان ، فالتصقت بوالدتها.
لحظة ــ  قالت هذا  لابنتها وركضت بعد السائق تدعو له - وتقول ابنتي تطلب منك، وترجوك رافعة يديها للسماء.
 غدا، سوف تكون ابنتي لعبة  لأي رجل، لهذا ... حتى لو كانت فتاة من المدينة ... فقط  ترغب في السفر معك بضع  كيلومترات ..
في صباح اليوم التالي عند الفجر، غادر سائق الحافلة، الفندق المتواضع وعبر الساحة كهامة جندي. ركضت الأم وابنتها وراءه. خرجت الحافلة الحمراء، مع علمها الأرجواني، من المرآب وكانت في انتظار ركاب أول قطار.
صعدت الفتاة الصغيرة ولمست المقعد الجلدي الأسود للسائق في حين عضت على شفتيها، بينما الأم، من شدة البرد أغلقت طوق معطفها.

 

الآن  يجب أن اعيدها من جديد  الى المنزل.  توبخني سيدي ... أشفق  علي  لأني ارتكبت خطئا، سأأخذها إلى المنزل، حسنا؟ حتى فصل الربيع. سيكون من العار أن ترسل الآن وقد بدأ موسم البرد. يمكنني إصلاح هذا. ولكن عندما يتحسن الطقس، لا يمكن أن أبقيها في المنزل.


 دلف ثلاثة ركاب الى الحافلة بعدما لفظهم القطار الأول.
عدل السائق وسادته،  في حين لاتزال عيون الفتاة  ثابتة في ظهره الدافئ حيث يتسلل نسيم الصباح الخريفي على دينك الكتفين.
كادت الحافلة أن تصدم عربة تجرها الخيول فأشار له السائق بالمرور.
-    شكرا.
-    عربة
-    شكرا
ـ الحصان...
ـ شكرا
ـ شكرا  
ـ شكرا
ـ شكرا
عاد السائق، مفعما بالامتنان، بعد عبور ستين كيلومترا من الجبال والحقول حتى المدينة المينائية في الطرف الجنوبي من شبه الجزيرة.
كان عاما جيدا لمزارعي الكاكي، وكان الخريف في الجبال بهيجا و رائعا.

كاتب من المغرب .

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24