السبت 27 ابريل 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
مبارك سالمين عدن من الحزب إلى “الطوفان” - محمد عبدالوكيل جازم
الساعة 14:23 (الرأي برس - أدب وثقافة)

 

“أنا راوي رواية “الطوفان”، عشقت زميلتي الجامعية جملية التي نذرت نفسها للحزب”.
“ما لا أستطيع إخفاءه عنكم، أنني ضاجعتها حين عادت من دراستها العليا في الاتحاد السوفيتي، وقبلها ضاجعت “نون” التي عملتُ معها في إحدى الإجازات الصيفية في مصنع محلي؛ كمؤمن بالطبقة العاملة؛ ولكنني شاعر أولاً وأخيراً، ذهبنا معاً إلى كل دور السينما في مدينة عدن، المدينة الساحرة التي تطل على البحر العربي، وحين أنهيت دراسة الفلسفة، وددت الاستقرار مع سعدية التي كنت أسميها الخل الأمين “.. أنا راوي رواية الطوفان عشت مرحلة تشكل أيديولوجيا اليساريين في مدينة عدن اليمنية، نهاية السبعينيات، ودرست الفلسفة في جامعتها، بمعية مرشد وعبدالواحد وشذى ومنصور وسعدية وجميلة وبدر الملقب بـ”فيور باخ”.
اتهمني الرفاق الذين حكموا الجزء الجنوبي من اليمن، بانتمائي لحزب البعث.. ذهبت للعمل في أبين التي كنت أسميها بلغاريا اليمن. عدت لأعمل في التدريس بثانوية الجلاء التي تقع في إسكندرية اليمن ساحل “خور مكسر”.. شاهدت بعيني أحداث عدن الدامية عام 1986م، التي قتل فيها أكثر من 10 آلاف يمني، كان معظمهم من حملة الشهادات العليا؛ الذين تم إعدادهم في الدول الاشتراكية.. عملت بعد ذلك في مركز البحوث التربوية، وكنت أحد أدباء اليمن الذين أسسوا كياناً موحداً يجمع أدباء شطري اليمن شمالها وجنوبها.. ذهبت إلى صنعاء بعد الوحدة، لتعزيز الروابط الوحدوية، بعد ذلك حلمت في منامي بعودة كل الذين دخلوا صنعاء إلى عدن.. حلمت بأنهم عادوا على سيارات الـUN؛ لكنني لم أيأس؛ ذهبت لتحضير الدكتوراه في تونس..”.
صوت افتراضي للراوي

“مررت بها كما تطلبتني”

كنت دائماً أحس أن هذه الفجوة المرحلية التي عاشها اليمنيون في عدن السبعينيات والثمانينيات حتى عام 1995م، تحتاج إلى عمل سردي عميق يحررها من أسر التاريخ الرسمي، ويخرجها إلى حيز جمالي أكثر رحابة من المرويات التاريخية الجافة، وها هو مبارك سالمين المبدع الفذّ يفعل ذلك عبر رواية “الطوفان”، التي تحمل عنواناً فرعياً. “مررت بها كما تطلبتني”
هاجر مبارك من عالم الشعر إلى عالم الرواية، لينقلنا إلى تجربة فريدة من نوعها، تنحو باتجاه عالم رواية السيرة. الروائي يعمل في الحقل الأكاديمي بجامعة عدن، وهو رئيس اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، وشاعر معروف، يكنّ له الوسط الأدبي والثقافي مشاعر كثيرة، منها المحبة العميقة والامتنان الكبير. صدرت الرواية قبل بضعة شهور، عن دار أروقة للدراسات والترجمة والنشر، بالتعاون مع وزارة الثقافة، واتحاد أدباء اليمن، ضمن مشروع المائة كتاب، الذي تتبناه الوزارة.
إذا كان سارتر قد نادى بالالتزام في الكتابة، وأخبرنا بأن الكتابة هي التزام أولاً وأخيراً؛ فإن هذه الجزئية لا تراها رواية “الطوفان”، بل تتناقض معها؛ حيث يعلو صوت الناقد من خلال شخصية توفيق رشدي، وهو يقيم التجربة :”إن من هم خارج الحزب هم أفضل بكثير ممن هم داخله”. من جهة أخرى، فإن سارتر نفسه هو الذي قال بأن الرواية عليها أن تتبع التاريخ، وهذا ما أعطى رواية “الطوفان” بريقاً أخّاذاً، فقد أرادت الرواية صياغة التاريخ بشكل مختلف. حرص راويتنا على ربط هذا التاريخ بمرحلة مهمة من حياة اليمنيين، وهي المرحلة التي هزّت المجتمع العالمي والمحلي؛ حيث كان كتابها الحقيقيون يحلمون بوطن من طراز جديد لم تشهده المنطقة من قبل.. أحداث الرواية تلفعت برواية السيرة الذاتية، وهذا النمط في تصوري هو الشكل النموذجي لتقريب الأحداث؛ حيث إن تناول الأحداث الكبيرة ضمن السياق المرتب الذي شاهدناه في الرواية، هو الأمل المنشود، وبشكل عام، فإن الرواية توثق لمرحلة تأسيس الحزب الاشتراكي اليمني، ولحظة بزوغه واكتماله من التكوينات الثلاثة: حزب الطليعة (بعث)، اتحاد الشعب (ماركسي)، وتنظيم الجبة القومية (من عدة فصائل).. ومن هنا تنطلق الرواية عبر الراوي، وزملاء دراسته الجامعية: جميلة الفتاة الخلاسية التي تنحدر من أب يمني وجدة أفريقية، ومرشد فيلسوف المجموعة، ومنصور الذي جاء من الريف. إن ما يستطيع القارئ تدوينه، هو أن هذه الرواية ارتكزت أساساً على الحكي بضمير المتكلم.
يتحدث الراوي عن مرحلة انخراطه وبقية شخوص الرواية، في الجامعة قسم الفلسفة، وهو لا يستطيع أن ينسى نموذجية جميلة؛ زميلته في القسم.
اختلطت حياة جميلة الإنسانة، بحياة المرأة العدنية، وأصبح حضور جميلة طوفاناً من البهجة في الجامعة والحزب والبحر، هي وحدها من كانت تستحق التقدير والالتفات.. طوفان جميلة البهيج غطى على طوفان حرب 86م بين الإخوة الرفاق، وطوفان حرب 94م الذي نشب بين شطري اليمن.
السّمة العامة للرواية أنها تحتفي بتجربة عدن الإنسان والجغرافيا أثناء حكم الحزب الاشتراكي لليمن الجنوبي سابقاً، كما أسلفنا؛ فبالقدر الذي يصف فيه الراوي تلك التجربة بالفتية الشبيهة بالبطلة جميلة؛ نجده ينتقدها، إلا أنه لا يستطيع الفكاك منها، حيث إنه تتلمذ أثناء دراسته للفلسفة على يد “مشائخ اليسار” العربي آنذاك، الذين كانوا يُدرّسون في عدن، ومنهم العراقي توفيق رشدي، الذي اغتالته المخابرات العراقية يومها، وهو أستاذ علم الجمال، ثم المترجم الدكتور جيلي عبدالرحمن، وأستاذ المادية التاريخية المؤرخ د. أسامة عبدالرحمن النور، بالإضافة إلى علاقة البطل -أيضاً- بالشاعر سعدي يوسف، الذي كانت ابنته مريم طالبة في ثانوية الجلاء، ودرّسها الراوي في ما بعد. ومما يعزّز هذا التكوين اليساري للبطل ذكره في حيثيات تقديمه للانخراط في الحزب، أنه ينحدر من أسرة عمالية، إذ كان والده يعمل صياداً في البحر، وقد كان الحزب الحاكم هناك يُعلي من شأن هذه الطبقة، مقابل إقصائه للمنحدرين من الطبقات البرجوازية والأرستقراطية؛ أو ما كان يسمى اليسار الانتهازي. ظل الراوي يعاني من تهمة انتمائه إلى البعث، طوال فترة دراسته الجامعية، إلا أنه يُقبل أخيراً، ويصبح الممثل السياسي للحزب في مدرسة الجلاء، حيث يشير الراوي إلى أن المنظمات القاعدية هي الفاعلة، والأقرب إلى منظومة الحكم، فالثقة أهم من الكفاءة. وينتقد الراوي الشعار التهكمي لمنظومة الحكم “لا صوت يعلو فوق صوت الحزب”.
والواقع أن بعض الدارسين يذهبون إلى أن كتابة رواية السيرة تعد نوعاً من الهروب إلى حدود ضيقة في الكتابة، وبالتالي فإن الروائي إنما يريد من ذلك إحداث الدهشة، عبر تلفّع السرد بوقائع من سيرته هو، وهذا المعنى يلفت نظر القارئ الذي عادة ما يريد معرفة المجهول في شخصية الكاتب، ولكن الأمر ليس كذلك، لأن ارتباط الرواية بالسيرة يضع الكاتب على محك التساؤل: هل ما سيكتبه حدث حقيقيةً؟ يجد الكاتب نفسه في حيرة لا أول لها ولا آخر: هل يورد الأحداث كما وقعت، أم يداري على بعضها؟ لحظتها فقط يقع الروائي في فخ المفاضلة، كأنه في حقل من الألغام، إذا وطأت قدمه هذه الزاوية، سينفجر اللغم عليه، ومن ذلك مثلاً شخصية “ن” التي رمز إليها الروائي رمزاً.
تقع الرواية في 3 فصول رُتبت هكذا: الفصل الأول (1977-1983م)، والفصل الثاني (1984-1987م)، وأما الثالث (1987-1994م). ولعل جلّ ما تود هذه الفصول أن تقوله، أن عالم الأيديولوجيا ليس عالماً عادياً يمكنك أن تمر عليه دون أن تترنح، وبالتالي فإن المفردة التي تناسب هذا العالم هي “الطوفان”؛ الطوفان بكل تشابكاته وعنفوانه وأعاصيره، وقد كانت كل مرحلة تقتلع التي سبقتها من الجذور، حتى جميلة التي كان حضورها طوفاناً من نوع آخر -ومثلت الحامل الديناميكي للحياة المتجددة في عدن- نجدها بعد أحداث يناير 86م “ليست جميلة التي تفرض شروطها على المكان الذي تتواجد فيه، وليست جميلة التي زارتني في شتاء 1984م؛ يقول: رأيت بوضوح على وجهها مسحة حزن، وآثار كآبة، وبكاء ما بعد الحرب” (ص93).
“المبروكة” خلاصة أخرى من خلاصات الطوفان، فحين ينتهي الطوفان تعود السفينة إلى الأرض، لتنشأ الحياة من جديد كما هي في قصة النبي نوح، ولكن سفينة “المبروكة” لم يحدث معها ذلك؛ توقفت عن رحلات الاصطياد والعمل، لتتحول إلى مجرد مكان ترفيهي لقضاء السهرات الحمراء، بعد أن كانت أداةً من أدوات الإنتاج قبل الأحداث الدامية.
إذا كان بطل رواية “الرهينة” لليمني “زيد مطيع دماج”، قد اخترق قصور الإمام، وأبان المستور هناك، وفضح خبايا القصور، وحكام بيت الإمام أحمد حميد الدين، قبل ثورة سبتمبر 1962م، فإن ما فعله بطل رواية “الطوفان” لمبارك سالمين، يشبهه في الذهاب؛ حيث إنه استطاع أن يسجل جزءاً كبيراً من سيرته الذاتية المتلفعة بالحزب، وهكذا يمكننا أن نقول إن رواية “الطوفان” هي سيرة حياة محددة بالتواريخ، ولكن هذه السيرة مجتزأة، والجلي من خلال وصفها بالرواية في الغلاف، فإنه يعود إلى أن القصد من ذلك ليس وصف الذات المرتبطة عادةً بظروف النشأة، وإنما القصد منها الذات المرتبطة بالجموع الغفيرة، وبين قوسين إحدى المراحل المفصلية التي شكلت اليمن الحديث، وما أسفر عن ذلك من تداعيات

اختلطت حياة جميلة الإنسانة، بحياة المرأة العدنية، وأصبح حضور جميلة طوفاناً من البهجة في الجامعة والحزب والبحر، هي وحدها من كانت تستحق التقدير والالتفات.. طوفان جميلة البهيج غطى على طوفان حرب 86م بين الإخوة الرفاق، وطوفان حرب 94م الذي نشب بين شطري اليمن.
السّمة العامة للرواية أنها تحتفي بتجربة عدن الإنسان والجغرافيا أثناء حكم الحزب الاشتراكي لليمن الجنوبي سابقاً، كما أسلفنا؛ فبالقدر الذي يصف فيه الراوي تلك التجربة بالفتية الشبيهة بالبطلة جميلة؛ نجده ينتقدها، إلا أنه لا يستطيع الفكاك منها، حيث إنه تتلمذ أثناء دراسته للفلسفة على يد “مشائخ اليسار” العربي آنذاك، الذين كانوا يُدرّسون في عدن، ومنهم العراقي توفيق رشدي، الذي اغتالته المخابرات العراقية يومها، وهو أستاذ علم الجمال، ثم المترجم الدكتور جيلي عبدالرحمن، وأستاذ المادية التاريخية المؤرخ د. أسامة عبدالرحمن النور، بالإضافة إلى علاقة البطل -أيضاً- بالشاعر سعدي يوسف، الذي كانت ابنته مريم طالبة في ثانوية الجلاء، ودرّسها الراوي في ما بعد. ومما يعزّز هذا التكوين اليساري للبطل ذكره في حيثيات تقديمه للانخراط في الحزب، أنه ينحدر من أسرة عمالية، إذ كان والده يعمل صياداً في البحر، وقد كان الحزب الحاكم هناك يُعلي من شأن هذه الطبقة، مقابل إقصائه للمنحدرين من الطبقات البرجوازية والأرستقراطية؛ أو ما كان يسمى اليسار الانتهازي. ظل الراوي يعاني من تهمة انتمائه إلى البعث، طوال فترة دراسته الجامعية، إلا أنه يُقبل أخيراً، ويصبح الممثل السياسي للحزب في مدرسة الجلاء، حيث يشير الراوي إلى أن المنظمات القاعدية هي الفاعلة، والأقرب إلى منظومة الحكم، فالثقة أهم من الكفاءة. وينتقد الراوي الشعار التهكمي لمنظومة الحكم “لا صوت يعلو فوق صوت الحزب”.
والواقع أن بعض الدارسين يذهبون إلى أن كتابة رواية السيرة تعد نوعاً من الهروب إلى حدود ضيقة في الكتابة، وبالتالي فإن الروائي إنما يريد من ذلك إحداث الدهشة، عبر تلفّع السرد بوقائع من سيرته هو، وهذا المعنى يلفت نظر القارئ الذي عادة ما يريد معرفة المجهول في شخصية الكاتب، ولكن الأمر ليس كذلك، لأن ارتباط الرواية بالسيرة يضع الكاتب على محك التساؤل: هل ما سيكتبه حدث حقيقيةً؟ يجد الكاتب نفسه في حيرة لا أول لها ولا آخر: هل يورد الأحداث كما وقعت، أم يداري على بعضها؟ لحظتها فقط يقع الروائي في فخ المفاضلة، كأنه في حقل من الألغام، إذا وطأت قدمه هذه الزاوية، سينفجر اللغم عليه، ومن ذلك مثلاً شخصية “ن” التي رمز إليها الروائي رمزاً.
تقع الرواية في 3 فصول رُتبت هكذا: الفصل الأول (1977-1983م)، والفصل الثاني (1984-1987م)، وأما الثالث (1987-1994م). ولعل جلّ ما تود هذه الفصول أن تقوله، أن عالم الأيديولوجيا ليس عالماً عادياً يمكنك أن تمر عليه دون أن تترنح، وبالتالي فإن المفردة التي تناسب هذا العالم هي “الطوفان”؛ الطوفان بكل تشابكاته وعنفوانه وأعاصيره، وقد كانت كل مرحلة تقتلع التي سبقتها من الجذور، حتى جميلة التي كان حضورها طوفاناً من نوع آخر -ومثلت الحامل الديناميكي للحياة المتجددة في عدن- نجدها بعد أحداث يناير 86م “ليست جميلة التي تفرض شروطها على المكان الذي تتواجد فيه، وليست جميلة التي زارتني في شتاء 1984م؛ يقول: رأيت بوضوح على وجهها مسحة حزن، وآثار كآبة، وبكاء ما بعد الحرب” (ص93).
“المبروكة” خلاصة أخرى من خلاصات الطوفان، فحين ينتهي الطوفان تعود السفينة إلى الأرض، لتنشأ الحياة من جديد كما هي في قصة النبي نوح، ولكن سفينة “المبروكة” لم يحدث معها ذلك؛ توقفت عن رحلات الاصطياد والعمل، لتتحول إلى مجرد مكان ترفيهي لقضاء السهرات الحمراء، بعد أن كانت أداةً من أدوات الإنتاج قبل الأحداث الدامية.
إذا كان بطل رواية “الرهينة” لليمني “زيد مطيع دماج”، قد اخترق قصور الإمام، وأبان المستور هناك، وفضح خبايا القصور، وحكام بيت الإمام أحمد حميد الدين، قبل ثورة سبتمبر 1962م، فإن ما فعله بطل رواية “الطوفان” لمبارك سالمين، يشبهه في الذهاب؛ حيث إنه استطاع أن يسجل جزءاً كبيراً من سيرته الذاتية المتلفعة بالحزب، وهكذا يمكننا أن نقول إن رواية “الطوفان” هي سيرة حياة محددة بالتواريخ، ولكن هذه السيرة مجتزأة، والجلي من خلال وصفها بالرواية في الغلاف، فإنه يعود إلى أن القصد من ذلك ليس وصف الذات المرتبطة عادةً بظروف النشأة، وإنما القصد منها الذات المرتبطة بالجموع الغفيرة، وبين قوسين إحدى المراحل المفصلية التي شكلت اليمن الحديث، وما أسفر عن ذلك من تداعيات.

وإذا كانت “حفصة” في رواية الرهينة هي ابنة القصر المرفهة، فإن جميلة هي ابنة الحزب العمالي. والفارق أن جميلة تفاعلت إيجاباً مع مجتمعها وحزبها، ووقفت في صف المسحوقين والغلابة. أما حفصة فلم تكن سوى امرأة تابعة تعيش داخل برواز لا يحق لها الاختلاط بالناس؛ أو الاستماع إلى شكواهم؛ أو حلّ مشكلاتها. إنها بعيدة كل البعد عن اهتمامات جميلة التي كانت تتحرك في عالم مفتوح، تقود المجاميع الحزبية إلى الحلم، وتشارك الطلاب اهتماماتهم وأنشطتهم، وذهبت للدراسة في الخارج. والملفت أن شخصية جميلة أخذت حيزاً كبيراً ومكثفاً في الرواية، فهي الصوت العميق والنفس المحكم الذي تآزرت عبره خيوط الرواية، ووصفها الراوي بقوة حين قال: “لقد كانت “جميلة” جملية بحق، وفتية في الوقت ذاته، وفعلاً لو مسها حجر لتفتتت من المسرات والفرح” (ص15). وإذا كان ثمة خيال أضفاه الروائي على جميلة، فإنه لم يذهب بها إلا إلى المكان الأبعد من السيرة، الذي يحتمل حيز الفتح الروائي، لأن الرواية التي بدأت بطوفان جميلة، انتهت بطوفان حربي 86م و94م، ولكن طوفان جميلة الجمالي، والحلمي، لم يتوقف؛ لأنها هاجرت بحثاً عن الأجمل، لكنها لم تذهب إلا بعد أن أدانت المجتمع والتجربة؛ قالت له: “أنت لا تصلح أن تكون بعلاً لي”. إن هذا التماثل الذي أوردته بين روايتي: “الطوفان” و”الرهينة”، لا يعني أنني تقصّدت المقارنة أو التشبيه، وإنما أردت وضع النصوص في سياقها التاريخي والإشكالي

 

منقولة من الشاهد نت...

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24