الجمعة 26 ابريل 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
الآخر بوصفه عكس صورته النمطية
مقاربة لانطباعات البعثة الدانماركية عن أهل تهامة -7 - علوان الجيلاني
الساعة 15:48 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)



المادة الأثنوجغرافية التي يمدنا بها الكتاب
وصف أحوال السكان
كان من ضمن أهداف البعثة وصف ودراسة حجم السكان وخصوصية الأرض. والعلاقات بين الأحياء والأموات والتنبه إلى تأثير تعدد الزوجات في زيادة أو نقصان السكان وإلى العلاقات بين الرجل والمرأة .. وإلى عدد النساء في المدينة والريف ص71.
ولكن بحكم أن رسائل وملاحظات وكتابات أعضاء البعثة المختلفة بما فيها كتب نيبور لم تترجم وتنشر كاملة فإن ما يمكن عرضه في هذا المقام هو ما لخصه أو ضمنه توركيل هانسن في كتابه هذا من تلك الرسائل والملاحظات والكتابات.
والحقيقة أنه ليس في الكتاب من تلك المهام الكثير إلا أن فيه ملاحظات وفوائد لا بأس بها تدخل كلها في إطار الاشتغالات الأثنوجغرافية رغم أن هذا المصطلح لم يكن معروفاً أو شائعاً آنذاك ولكن ما دامت الأثنوجغرافيا تعني الدراسة الوصفية لأسلوب الحياة ومجموعة التقاليد والعادات والقيم، والأدوات والفنون والمأثورات الشعبية لدى جماعة معينة أو مجتمع معين خلال فترة زمنية محددة.
إنها بمعنى آخر دقيق الوصف الدقيق والمترابط لثقافات المجتمعات الإنسانية ص43.
ومع ذلك فالمادة الأثنوجغرافية التي سجلتها البعثة الدانمركية عن أهل اليمن بشكل عام وأهل تهامة بشكل خاص .. لا يمكن اعتبارها مادة متوفرة على الشروط المنهجية.. إذ المنهج يتطلب أن يعيش الأثنوجغرفي عاماً على الأقل وأن يكون الاشتغال الأثنوجغرافي هدفه الأساس. ص59
كما أن الأثنوجغرافي يشترط فيه إلى جانب ذلك وصف الواقع كما يبدو دون تدخل بأحكام تمليها أيديولوجيا الكاتب.
وقد اعترف نيبور بنقائص في عمله هو وأفراد البعثة الآخرين وعدد من تلك النقائص:
1- التسرع المفرط في رؤية البلاد.. الأمر الذي أتعبهم وأضناهم وأمرضهم بل وأمات بعضهم وهو أيضاً ما جعل معلوماتهم غير مركزة وهذا واضح على الخارطة حين نقرؤها اليوم.
2- عدم محاولتهم اقتباس معيشة أهل البلاد فقد ظلوا داخل المجتمع اليمني مجتمعاً أوروبياً صغيراً يمارس عاداته في الأكل والتعامل مع المناخ نفس التعامل الذي كانوا يتعاملونه مع بيئتهم ومناخهم في شمال أوروبا.
وقد حاول نيبور أن يخطو خطوات نحو اتباع عادات أهل البلاد في السفر واللبس والأكل ولكن ذلك كان غير كاف.
على العموم سنحاول تتبع المقتطفات الأثنوجغرافية التي أوردها توركيل هانسن في كتابه فيما يأتي:
ثياب مهلهلة وحروز تدفع العين
- لاحظ أعضاء الرحلة أن أبناء تهامة (أهل الأرياف والبوادي -خاصة الرعاة) يعيشون عراة إلا من قطعة صغيرة تغطي ما توسط من أجسادهم (الرجال).. ورؤوسهم مكشوفة تتدلى ظفائر شعرها على رقابهم وأن النساء يلبسن على أجسادهن أثواباً مهلهلة فيما يضعن على رؤوسهن شالات سوداء (مقارم/مقالم) لا تستر الرأس بكامله ، رسمت عليها خطوط ومثلثات سوداء لتجلب الحظ لأصحابها, كما يعتقدون ص210.
والعارف بأحوال أهل تهامة يمكن أن يؤكد أن ذلك الوضع قد ظل مشهوداً في ملابس الرجال والنساء حتى نهاية السبعينيات من القرن الماضي في بعض الجهات..لكن الشيء الذي يحتاج إلى التأكيد أو النفي الأحرى أنه يحتاج إلى البحث والتحقق من صحته هو أن أهل تهامة كانوا يعتقدون أن تلك الرسوم على (المقارم) تجلب لهم الحظ.. فهي إما معلومة غير صحية وإما أن تكون عادة قد اندثرت أو أن أولئك النسوة كن يعلقن على رؤسهن حروزاً جلدية سوداء معقودة إلى سيور أو إلى شعرهن ولم يتيقن فروسكال من ذلك لأن هذه العادة كانت موجودة وهي ليست لجلب الحظ ولكنها كانت علاجاً من أمراض كان الناس لا يجدون لها علاجاً شافياً فيظنونها عيناً أو مساً شيطانياً .
ويصف فورسكال أنهم على الشاطئ اشتروا من أولئك النسوة قليلاً من اللبن والرائب والزبدة السائلة التي كانت مخفوظة في أوعية صغيرة من الجلد وأنهن كن يفضلن أن يأخذن مقابل ذلك خام الرصاص والمساحيق السوداء اللائي يصبغن بها أنفسهن فلما لم يجدن ذلك مع أعضاء البعثة قنعن بخبز الذرة الطازج ص210
شراء العين بالعين ظل موجوداً حتى فترة الثمانينيات بل إنه ما يزال موجوداً إلى اليوم.. وإن كانت حدته قد خفت كثيراً منذ نهاية السبعينيات.. غير أن ما نعرفه أن النساء في تهامة كن يدهن أجسادهن بالسليط (زيت السمسم) ويمرخنها بمساحيق مثل الحناء والهرد (الكركم) أما المساحيق السوداء .. فلا ندري ما يقصد بها .. ولعله توهمها من اللون الأسود على الأكف والأقدام من أثر الحناء والشيذر. أما خام الرصاص فهو الكحل.

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24