السبت 27 ابريل 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
الوطن والصبار شذرات من كتاب الوطن - عبدالرحمن الخضير
الساعة 17:10 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)


أينما الكرامة فثمّة الوطن .
لازلت أذكر جيدا تلك المقابلة التي أجرتها إذاعة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية مع الفنان أبو بكر سالم بلفقيه في بداية الثمانينات من القرن الماضي أثناء زيارته القصيرة لوطنه الأول بعد هجرته الأبدية إلى وطن هناك .
يقول بلفقيه : لقد ذهبت إلى حضرموت لألتقي ذاك الذي قطف زهرة شبابي الاستاذ حسين أبو بكر المحضار لكني لم اجده .... كان العود على جانب من بلفقيه فتناوله برفق بالغ وراح يغزف رسالته إلى المحضار ويغني في هيام :
إمتى أنا شوفك . ياكامل وصوفك .
أنسى أسى الدنيا ساعة ماشوفك .
متى متى قل لي باتسمح ظروفك .
قل لي متى قل لي ياسيد المضانين .
ساله المذيع : ماذا يعني الوطن للفنان بلفقيه ؟
كانت الإجابة على شفتيه كالفراشة مبثوثة : الوطن هو حيث تجد العيش الكريم .
هكذا كان لاحمد فتحي أن يفعل : فحيث الكرامة ثمّة الوطن .
بقي محمد سعد عبد الله داخل الوطن , وبقي جابر على احمد داخل اليمن .
الأول دوحة الفن وزهره وثمره , وكأن في جنان الفن شجرة أتاح الله لبن سعد وحده أن يتذوق منها كالشجرة التي حرمت على آدم , أو هي تلك الشجرة في الجنة التي يقول الاثنا عشرية أنها تحوي علم أهل البيت من كل الثمار قاطية وليس لأحد من البشرية غيرهم أن يقطف من ثمارها ..
محمد سعد عبد الله أهل بيت الفن .. لكن أن تسقط تلك الشجرة من فردوس الفن إلى بلد كالح لايعرف من شجر كل المشاعر غير الصبّار ونتوءات الفطر الفارغة من كل بيان .
جابر على احمد هذا الطراز الرفيع من الثقافة الموسيقية والذي دخل في حالة انفصام بين أعماقه الدفقة وسطحية الأنا اليمنية الكابحة وذهب إلى هناك ولم يعد .
حيث الكرامة فثمّ الوطن .
هكذا فعل احمد زويل وبطرس غالي وكولن باول .
عاد احمد زويل إلى مصر يحمل مشروعا تطويريا لكنه اصطدم بمبارك , إصطدم باللاكرامة في مصر ليعود مرة أخرى إلى الكرامة في وطنه أمريكا بين رفاقه من العلماء والباحثين .
وحين عاد محمد البرادعي عين وبصر الأمم المتحدة الحادتين سقط كورقة نخراء فوق مياه النيل ولم يلتفت إليها أحد بطول مجرى النيل العظيم .
يقول كولن باول السيرلانكي : لو لم اكن أمريكيا لما كان كولن باول هذا الذي أمامكم .
ولو كان باراك أوباما مواطنا يمنيا لاشتغل مرافقا للشيخ عبد المجيد الزنداني إن تمكنت له فرصة عمل .
ولو لم أكن يمنيّاً لكنت ..... يمنيّا
ذلك هو قدرنا الأجوف , أن يصير الوطن دمك وقلبك وعقلك , منظومة غير قابلة للاختزال ... ليكن الصبار , فليس لنا إلا أن نَخْضَرَّ في صحراء هذا الوطن مادمنا نقدر على التعبير والكتابة , مادمنا نملك هذا الهاجس المعرفي كما النبض سنموت إن فقدناه , وليس لنا إلا نصير الصبار , ففي القحالة والضحالة والجدب والرمل في البلد الجفاف لن تستطيع الاخصرار غير على مائك أنت .

 

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24