الاربعاء 01 مايو 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
قصة
رحلة مؤجلة - صالح بحرق
الساعة 18:04 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 

يعمل محفوظ  في تفويج المسافرين،يحضر إلى المحطة مبكرا يتفقد مقاعد الركاب، وسجل التذاكر، ولاينسى أن يضع في فمه( التانبول )، كل شيء يبدو له سهلا، فقد اكتسب خبرة في أحوال المسافرين، ويدرك من نظرته الثاقبة أن ذلك القادم، حصل له شچار أمس مع زوجته، فازرار قميصه قد اقفلها على عجالة، ولذلك يأتي إلى الشخص بهدوء، ويأخذ منه حقيبته ثم يقول له: اعرف مما تعاني، اتركها يارجل أسبوعا ، ستنسى كل شيء وتعود اليك. ثم يمضي لشأنه.
اشتهر في المحطة بأنه رزق التسامح والنبل والبساطة، واذا سمع صافرة التحرك، يقرأ من كشف الركاب أسماءهم، وإذا كانت هناك بينهم سيدات فإنه يعتني بحقائبهن وبعض المسنين، تأتي السيارة لهم إلى منازلهم، كل الاشياء تبدو له يسيرة لاتحتاج عناء، لايحب تعقيد الأمور ابدا، وإذا حدثت منازعة بين الركاب أو مسئول المحطة، فإنه يحل هذا الإشكال سريعا وفي حالات تغير الطقس أو تأجيل الرحلة فإنه بتلقائية يقنع المسافرين ليعودوا في اليوم التالي.
كانت المحطة التي تقع في وسط الناحية تقدم لزبائنها الوجبات السريعة ،والمقليات، وكان بها مسجد  صغير، وتعمل من الخامسة صباحا حتى العاشرة مساء.
هاهو الان قد جمع التذاكر، وقام بتوزيعها، وتفقد الحافلات، وقد عن له خاطر عجيب ،حيث جال في فكره احساس مبهم بالرحيل، وتساءل: الناس يسافرون وانا لا اترك هذه المحطة؟ اكيد هناك من ينتظرني في الجهة المقابلة؟ لن أبقى طوال حياتي هنا، اقوم بتفويج المسافرين، لابد أن ارحل معهم إلى مدن أخرى.
 وركب من فوره إحدى السيارات، ولاول مرة في حياته يشعر أنه أصبح طليقا، وهو يستحضر ذلك الوجه الذي سيسافر إليه، وجه ابنه الذي مات في الحرب !
وترك المحطة، ترك الناس والاشياء، في رحلة لا احد يعلم بتفاصيلها الا هو!

2021

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24