الجمعة 26 ابريل 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
من صيد القلم لغلغي في صنعاء (5) وأخيرة - عارف الدوش
الساعة 16:47 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)


الأثنين ٢٠ سبتمبر ٢٠٢١
*  بجاش والقلاصات 
وفي مشهد جديد من مشاهد " لغلغي في صنعاء " يسكب الأستاذ عبد الرحمن بجاش عدائيتهم كطلاب في مرحلة مراهقة وصلف يمر بها الأغلبية الساحقة من طلاب المرحلة الثانوية .. فبجاش وبعض زملائه في ثانوية جمال عبد الناصر بصنعاء وجهوا عدائيتهم ضد قلاصات متعهد البوفية حمود بادي .. ويسرد بجاش بحرفنة علاقته بضابط النجدة البخيتي الذي كان يظل معه فوق دورية النجدة طوال الليل ليعود يزعج من ينام في مستودع الشرق الأوسط  فإلى مشهد عدائي ضد قلاصات حمود وجولة المساء فوق طقم النجدة ..
يقول عبد الرحمن بجاش في كتابه " لغلغي في صنعاء " درسنا مادة الإنجليزي عبد الغفور ، وسمير السوري الذي كان منتمياً للحزب الشيوعي السوري مادة القانون التجاري، واللغة العربية مدرس من مصر ،حتى انه أصدر نشرة شهرية تسحب استنسل كتبت فيها أول مرة في حياتي ما اسماه عموداً عنوانه " من الحياة" ، من طبعه بالألة الكاتبة اظهره هكذا " فن الحياة" .. وكانت شخصية العدد حمود بادي متعهد البوفية .. كنا عدائيين تجاه حمود ، فبعد أن نشرب الشاهي ، هناك حجر اسود خلف المدرسة، نرمي عليها كل كأس نشربه حتى يتحول الى قطع صغيرة ،حتى أمتلأت المساحة كلها بالزجاج ، ابتكرت انا وصاحبي حيلة اكتسبنا فناجين كثيرة ، كنا ناتي بحقيبة خالية ، وكلما شاهدنا أحدهم سيرمي الكأس الذي في يده نرجوه ان يضعه فيها، هكذا كنا نعود كل يوم بكأسات تملأ الحقيبة ، فيما بعد كتبت يوميات الثورة عن المدرسة، وذكرت حكاية كأسات حمود ، كان هو قد ترك مدرسة عبد الناصر وتعهد بوفية البنك اليمني للإنشاء والتعمير. احدهم قرأ له اليوميات ، وعندما كنت في زيارة لمختار حسن المختار صديقي في البنك ، مسكني ويده على ذقنه : " الله المستعان وهو أنت !" قلت : قسماً لاعوضك قدنا في الوظيفة "وبطيبة الكون " عفا الله عنك "ومن لحظتها تصادقنا، وكان كلما يأتي  لي بكوب شاهي : " ها وسير دور حجر "  فيضحك مختار حتى أسماني : سارق القلصات! 
  * بجاش وطقم النجدة
 يواصل بجاش : من الذين اختفوا ولم ينظموا إلينا في ثاني ثانوي، علي ناصر البخيتي ، فقد ألتحق هو وأخرون من زملائنا بكلية الشرطة .. بعد أن تخرج، كنت قد تركت المخبز ، وذهبت الى مستودع الشرق الأوسط ، وعلي تم توزيعه على شرطة النجدة ، كنت افاجأ في وقت متأخر من الليل بمن يقرع الباب ، فأفتح على علي ناصر :  " أخرج يبن الشيخ "
 " إلى أين ؟ 
"مالك دعوة " .. فياخذني معه على طقم النجدة (...) نظل طوال الليل نلف من شارع الى أخر ،حتى إذا انهى الطقم دوريته ، غاد بي علي الى المستودع ، فلا يفتح لي عبد المؤمن ألا بشق الانفس ، ويا ويلي إن حاولت الإعتذار الليلة الثانية ، فأمر علي لا يرد ..على ان علاقتنا شهدت أجواء ربيعية من المحبة أنتهت يوم توفى رحمه الله ، وكنت إذا اردت إستفزازه  اقول  " يا علي كيف اللغالغة ؟"  فيرد ضاحكاًوتبرز اثار الجدري على وجهه مثلي : "عيال مشايخ".. كان شهماً، شجاعاً الى حد العبث ، قال ضاحكاً ذات مرة : " تعرف يبن الشيخ كيف عملت أصحابكم مرة في حيس ؟ " قلت : " من اصحابنا ؟!"  فضحك بشدة " اللغالغة  في حيس" ، قلت : "كيف ؟ " قال :  'كملت عليّ  الفلوس ، ولاحظت ان البترول على وشك النفاذ وجيبي يباب ، تخيل ماذا فعلت ؟! شفت برميل مرمي خارج الطريق ، أخذته ونصبته منتصف الأسفلت ، والألي حقي بيدي وصرت اوقف السيارات ، والباقي عليك "ضحكت حتى الثمالة .. 
اتذكر علي ناصر البخيتي كلما أعيد التأمل في صورة تجمعنا الى جانب الجدار المواجه لباب عبد الناصر الداخلي ، وتظهر وراءنا لوحة أشهر مقاول في صنعاء حينها " سيف إسماعيل "  .. وفي الشقة التي فوق شركة النيل للمقاولات ، وكان يديرها ذلك المصري الجميل نفساً سمير ، والذي كان صديقاً لكل اليمنيين ..
( لغلغي في صنعاء ص ٩٣ - ٩٦ )
 * " إنعث" الأمور وستترتب
هكذا نجد بجاش في صفحات كتاب " لغلغي في صنعاء " يسرد بصدق وواقعية مشاهد عايشها وعاش معها وفيها بقلبه وروحه ووجدانه .. حكايات يستنطق فيها المكان والزمان الذي كان ونقلها لنا.. لم يتحفظ ولم يتحرج ولا يهاب بجاش بعض المسكوت عنه .. ولعمري فإن الكتابة بهذا الأسلوب عن بعض المسكوت عنه بطريقة السرد القصصي والروائي والحكائي المشوق يخرج ذلك المسكوت عنه من الغرف المغلقة والمقايل والجلسات ذات اللون الواحد الى الفضاء الشاسع الواسع الرحب لتداوله .. وانا مع هذا الأسلوب وهذا الإتجاه لانه يلغي مفعول ذلك المسكوت عنه ويخرجه من الظلمات الى النور ويتحول الى دعابة ولا يبقى له أي تراكمات وأثر في النفوس بل يصبح دعابة يقابلها الناس بالضحك .. كتبت عن بعض المسكوت عنه وكيف نتعامل معه .. وكان زميل وصديق لي رعاه الله " محمد الغراسي " خريج علوم سياسية وصحفي باحث .. عندما تشتد الأمور في وكالة الأنباء اليمنية-  سبأ ويكثر " العجين واللت" أو قل " يزيد الماء على الطين " .. كان يقول نصيحته الذهبية : يا أستاذ " أنعث" الأمور كعادتك من تحت الطاولة الى فوقها ودع الجميع يسمعها وهي ستترتب بعد ذلك بما يفيد العمل وينفع الناس .. وكنت أعمل بنصيحة زميلي وصديقي النبيه والنبيل الغراسي.. وكانت الأمور بعد " النعث " تترتب والناس تستفيد ..
 * المحبة والود
      ل"لغلغي في صنعاء"
وأخيراً : اختم بهذه الخماسية التي لم تشبع نهمي مع كتاب " لغلغي في صنعاء"  الذي لازالت فيه كثير من المشاهد والحكايات عن بجاش والناس والاماكن وفيها من التشويق والحبكة القصصية ما يغري اي كاتب الغوص في اعماقها واقتباس بعض منها خصوصا حول بجاش والسياسة وهو يغلق علىنفسه بابه ويبكي بقهر من وشاية احدهم به عند والده الشيخ قاسم بجاش بانه " شيوعي " وبجاش وهو يعامل على منحة دراسية بدأت وعد الى العراق فتحولت امنية الى مصر العروبة ليستقر بجاش في موسكو فيتعرف على انبل السياسيين الدكتور عبد السلام الدميني الذي استشهد فيما بعد مع اخوية في عملية غادرة وهو يحاور النظام باسم الجبهة الوطنية الديمقراطية .. ويوصف بجاش موسكو حينها وصفاً كأنها محبوبة وعشيقة .. 
الحديث عن " لغلغي في صنعاء " ذو شجون ..ولكن ساترك لمتعة القراءة ما تريده ...
لبجاش كل المحبة والمودة وهو يسرد يوميات ومحطات عاشها وكان فيها ترس في عجلة حياة واسعة غنية بالنماذج البشرية " ملح الأرض" وهي تكد وتعرق وتتعب من اجل لقمة نظيفة شريفة وكرامة غير مهدورة 
والسلام ختام 
                           
 __________

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24