الأحد 05 مايو 2024 آخر تحديث: الأحد 11 فبراير 2024
حسن البيشي: بيننا وبين هادي... "شعرة معاوية"
الساعة 20:44 (الرأي برس - عربي )

لا يرى القيادي في الحراك الجنوبي، العميد حسن البيشي، أفقاً لمشاورات الكويت. بالنسبة إليه، تتّجه هذه المشاورات إلى الفشل "وكأنّك يا بو زيد ما غزيت". فشل يعزوه الرجل إلى تأرجح المشهد العسكري "الذي لم يُحسم حتّى الآن"، فضلاً عن "التجاهل المتعمّد للقضية الجنوبية وتغييبها عن المشهد السياسي". لا يواري البيشي سخطاً جنوبيّاً على ممارسة "التحالف العربي" وحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي سياسة "مملّة ومزعجة ومميتة"، في تعاملهم مع "الحراك" ومع "المقاومة"، إلّا أنّه يؤكّد حرص الحراك على الإحتفاظ بـ"شعرة معاوية" مع حكومة هادي، "لما تقتضيه مصلحة الجنوب العليا". عن تلك المواضيع، والعلاقة مع حزب "الإصلاح"، والأوضاع الأمنية في الجنوب، واحتمالاتها المستقبلية، كان الحوار التالي مع العميد حسن البيشي.


بعد مرور أكثر من عام على الحرب، وحوالي ثلاثة أشهر على مفاوضات الكويت، كيف يبدو المشهد السياسي اليمني؟
المشهد السياسي في اليمن معقّد، وهو انعكاس للمشهد العسكري الذي لم يُحسم حتّى الآن، بسبب تخاذل وفساد القيادات العسكرية للجيش والمقاومة الشعبية في الشمال والأحزاب اليمنية. وسيظلّ معقّداً حتّى وإن حسمت الحرب، حيث سيزداد تعقيداً بسبب التجاهل المتعمّد للقضية الجنوبية كقضية محورية، وغيابها بالكامل عن المشهد السياسي برمّته. أمّا المفاوضات في الكويت فمصيرها هو الفشل التامّ. 


لماذا تتوقّعون هذا المصير لمشاورات الكويت؟ 
الجنوب وقضيّته غائب تماماً عن مفاوضات الكويت، التي اقتصرت، فقط، على تفاوض بيني شمالي شمالي، ولو فرضنا جدلاً أنّها نجحت، وهذا احتمال ضعيف جدّاً، سوف يتمّ التوافق بينهم على اقتسام السلطة والثروة والعودة إلى نقطة الصفر، وكأنّك يا بوزيد ما غزيت، وموقفنا كمكوّنات جنوبية سيظلّ ثابتاً مع شعبنا حتّى يتمّ بلوغ أهدافه. 


ما هي توقّعاتكم لشكل الدولة اليمنية القادمة، هل هي اتّحادية في إطار أقاليم متعدّدة، أم أنّها ستبقى على ما هي عليه اليوم؟
حسب معرفتي، فالأقاليم مرفوضة في الشمال، وبسببها تمّ الإنقلاب على الرئيس هادي وحكومته من قبل مليشيّات الحوثي وقوّات عفّاش، ووضعهم تحت الاقامة الجبرية، والإستيلاء على السلطة في صنعاء، وبالتالي، أعلنوا التعبئة العامّة، وشنّوا حربهم الشاملة على الجنوب، الذي لجأ إليه الرئيس هادي، بعد أن استطاع الإفلات من منزله في صنعاء، مثلما فعل علي صالح عام 1994م، عندما انقلبوا على مشروع الوحدة بعد التوقيع على وثيقة العهد والإتّفاق في الأردن برعاية الملك حسين، الله يرحمه، وشنّوا حربهم الظالمة على الجنوب الذي احتلّ في 7-7-1994م. أمّا في الجنوب، فقد عبّر شعب الجنوب عن رفضه لوحدة الإحتلال والفيد والغنيمة بأيّ صيغة من الصيغ، اندماجية أو فيدرالية، بإقليمين أو ستّة أو أقلّ أو أكثر، في أكثر من مليونية. شعب الجنوب مع الأقاليم في إطار دولته. 
إن البدء في تطبيق الأقاليم في الجنوب المحرّر من قوّات عفّاش ومليشيات الحوثي لن يحالفه النجاح، بسبب عدم توفّر شروط نجاحه، ويأتي في مقدّمتها غياب الدولة. وقبل البدء في تطبيق الأقاليم، على الرئيس هادي وحكومته، أوّلاً، حسم مسألة السلطة في الشمال، وهذا الموضوع شائك وصعب المنال والشواهد كثيرة وماثلة للعيان. ولهذا، فإنه يتوجّب على الرئيس ودول التحالف العربي أن يمكّنوا المقاومة الجنوبية والحراك الجنوبي، كطلائع ممثّلة لشعب الجنوب، وحاملة لقضيّته العادلة، من إدارة وطنهم وبناء دولتهم الجنوبية بمعزل عن صنعاء، أفضل من إهدار الوقت الذي لا يقدّر بثمن في هذا الإنتظار الكارثي المميت، المملّ والمزعج، وذلك لأن الصراع، اليوم، سيؤدّي إلى هذه النتيجة لا محالة. 


طيّب، لنفترض أن التحالف أراد تمكين الجنوبيّين، من هي الجهة الممثّلة للحراك والمقاومة والتي يمكن التحالف الركون إليها؟ كيف ذلك في ظلّ اختلاف القيادات الجنوبية التاريخية على مشروع سياسي واضح المعالم، وعدم وجود حامل سياسي جنوبي موحّد؟
الحامل السياسي الشرعي للقضية الجنوبية موجود، إنّه الحراك السلمي الجنوبي والمقاومة الجنوبية الباسلة، لكنّه بدون قيادة سياسية جنوبية موحّدة تملأ عيون المجتمع الدولي، لذا، سيظلّ عرضة للإبتزاز السياسي من قبل الأحزاب السياسية اليمنية، عبر شراء ذمم بعض الاشخاص لاستخدامهم كديكورات باسم الحراك، خدمة لمشاريعهم الهادفة إلى القضاء على الحراك الجنوبي والقضية الجنوبية. وأعتقد بل أجزم بأن القيادات التاريخية الجنوبية مدركة لهذا الخطر المحدق بالحراك وبالقضية الجنوبية، وما تتطلّبه المرحلة من توافق على مشروع سياسي واضح المعالم، ينسجم مع إرادة شعب الجنوب وحقّه في استعادة دولته المستقلّة، وعلى قيادة سياسية جنوبية واحدة تتحمّل مسؤوليّتها التاريخية تجاه شعب الجنوب الصابر المكافح.


إذا كان التحالف متردّداً حتّى الآن في تسليمكم زمام الأمور، فأيّة فائدة يكون الجنوبيّون قد جنوها من مقاتلتهم في صفّ التحالف؟ 
بالتأكيد، عاصفة الحزم خدمت القضية الجنوبية من خلال تدميرها للترسانة العسكرية الحوث-عفاشية الهائلة، التي كانت جاثمة على صدورنا لأكثر من عقدين من الزمن، وكنست جحافلهم من أرضنا إلى غير رجعة، إن شاء الله. ويتركّز دور التحالف، والذي تنهض به دولة الامارات العربية المتّحدة خاصّة، في العمل العسكري التقليدي على الأرض، إذ يقوم بمهامّ قتالية ضدّ المتمرّدين والإرهاب، إضافة إلى مهامّ تعبوية تدريبية للمقاومة الجنوبية والجيش الوطني، وتقديم المساعدات والخدمات المتواضعة للمواطنين، التي تعجز السلطات المحلّية عن تقديمها بسبب شحّ الإمكانيّات، وكثرة الصعوبات والعراقيل والأشواك المزروعة في طريقها.


طيّب، هذا عن التحالف. ماذا عن حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي التي حاربتم معها جنباً إلى جنب؟ هل أنتم راضون عن أدائها؟
أداء حكومة الرئيس هادي تمحور في إدارة الصراع السياسي مع الإنقلابيّين في الخارج، واتّخاذ القرارات الإدارية، لكنّها مقصّرة في مهامّها تجاه المواطنين في المناطق المحرّرة، كتوفير الخدمات الضرورية لهم مثل الكهرباء والماء والغذاء والدواء ومجاري الصرف الصحّي والمعاش والمحروقات، ووضع حدّ للفساد المستشري الضارب بأطنابه في جميع مفاصل الدولة. 


على الرغم ممّا تتحدّثون عنه من تقصير، ما تزالون حريصين على علاقاتكم بالرئيس عبد ربه منصور هادي، أقلّه على المستوى الرسمي، لماذا؟ 
نعم، لا زال الحراك السلمي والمقاومة الجنوبية حريصين على الإبقاء على شعرة معاوية مع الرئيس اليمني، عبدربه منصور هادي، في هذه المرحلة الدقيقة والحسّاسة من تاريخ شعبنا، التي تتطلّب التفاهم مع الرئيس هادي ومع التحالف العربي، بما تقتضيه مصلحة شعب الجنوب العليا. وحسب علمي، لا وجود لشعرة معاوية بين الحراك والمقاومة الجنوبية وبين الأحزاب اليمنية (إصلاح، مؤتمر، حوثيّين). لقد قطعوا كلّ سبل التواصل بمواقفهم المتشدّدة ضدّ شعب الجنوب، وحقّه الشرعي والقانوني والسياسي في استعادة دولته المستقلّة على أرضه.


تتحدّث قيادات الحراك الجنوبي، دائماً، عن وجود لوبي سياسي في الرياض، مكوّن من مستشاري هادي وقيادات حزب "الإصلاح"، يقوم بتحريك بوصلة القرار السياسي، وتقويض أيّة قرارات أو تسويات تصبّ لصالح الجنوب؟ هل هذا صحيح، فعلاً؟ وإلام تستندون في حديثكم عنه؟ 
نعم، يوجد مثل هذا اللوبي. ومثل ما يقول المثل: "ما يخفيه البشر تظهره الأنعام". فالحملة الإعلامية المكرّسة ضدّ الجنوب وقضيّته ومقاومته وقيادتها، وضدّ الحراك الجنوبي من قبل الفضائيّات التابعة للشرعية المسيطر عليها حزب الإصلاح الإخونجي، الوجه الآخر للإحتلال، لخير دليل على نشاط ذلك اللوبي الخبيث، الذي يشكّل خطراً كبيراً على الجنوب، يفوق خطر علي صالح والحوثيّين آلاف المرّات.
لكن الرئيس عبد ربه منصور هادي، الذي تحرصون كما قلتم على العلاقة معه، هو الذي أعاد الجنرال علي محسن الأحمر، الذراع الطولى لحزب " الإصلاح" إلى الواجهة، وعيّنه نائباً للرئيس؟ 
تعيين علي محسن الأحمر نائباً للرئيس اليمني، عبدربه منصور هادي، كان نكاية مؤلمة لعلي عفّاش، وتبيّن ذلك من خلال ما أحدثه التعيين من إرباك لوفدهم المفاوض في محادثات الكويت، وكان رسالة تطمين لبعض القبائل المحيطة بصنعاء ولحزب "الإصلاح" ولبعض الدول. ولا أعتقد أن تعيينه سيحرز تقدّماً في الجانب الميداني العسكري، خاصّة وهو قد خسر الكثير من القيادات والوحدات العسكرية التي كان يعتمد عليها مثل القشيبي والفرقة الأولى مدرّع . وأحبّ أن أشير، هنا، إلى أن علي محسن يقوم، الآن، بدور الشرطي الحارس للوحدة اليمنية المزعومة في الجنوب؛ فهو الآن ينشط في تشكيل ألوية جنوبية تحت مظلّة السلفية، لكنّها، بالأساس، ميليشيات تابعة لحزب "الإصلاح" الإرهابي المدعوم بقوّة من تركيا، التي لا يقلّ خطرها على الدول العربية عن الخطر الايراني. 


كيف توصفّون الأوضاع الأمنية التي يعيشها الجنوب، في ظلّ الهجمات المكثّفة التي تشنّها الجماعات المتشدّة، وهل ترون أن الباب أصبح مفتوحاً على سيناريوهات أشدّ خطورة؟ 
الإرهاب ليس له حدود ولا دين، وبلادنا ليست خارج اللعبة الدولية، وهي مستهدفة كغيرها من الدول العربية ذات الأهمية الجيو-استراتيجية والغنية بالثروات. القيادة السياسية في صنعاء احتضنت الإرهاب، بدعم من تنظيم "الإخوان المسلمين" العالمي، وأنشات له مدارس ومعاهد وكلّيّات وجامعات ومراكز تدريب عسكرية من زمن ليس بالقصير، أشرف ويشرف عليها مباشرة الزنداني وعلي صالح عفّاش وعلي محسن الأحمر. فهم يتقاسمون في صنعاء كلّ شيء، بما في ذلك الإرهاب، وكلّ منهم له إرهابه، وهم من وراء زعزعة الوضع الأمني في عدن وحضرموت والجنوب كلّه، ولن تسلم دول مجلس التعاون الخليجي من خطر الإرهاب إذا لم تقض عليه وتجفّف منابعه في اليمن.
نعم، هناك احتمالية لإعادة إنتاج سيناريوهات العراق وسوريا وليبيا. هذا أمر وارد، خاصّة وأن هناك فصائل عسكرية متعدّدة الولاءات للخارج، تنمو في أحشاء التحالف العربي في عدن وحضرموت والجنوب بشكل عام. بيد أن البيئة الاجتماعية في الجنوب، وبالذات عدن وحضرموت، غير حاضنة للإرهاب، بدليل مقاومتهما للإرهاب الآتي من الشمال العام 1994م. فرغم محاولات توطينه في بلادنا منذ ذلك الوقت، إلّا أنّها فشلت، وكان الهدف من ذلك هو زرع الإرهاب في الجنوب، واقتتال الجنوبيّين وسفك دمائهم وإظهارهم أمام العالم كبيئة حاضنة للإرهاب، وجعله غشاوة تُحجب بها رؤية العالم للجنوب وقضيّته، وللجرائم البشعة والإبادة الجماعية التي يرتكبها الإحتلال اليمني ضدّ شعبه، ناهيك عن استخدامه كذريعة للتدخّلات الخارجية. ومن العجب العجاب أن الحوثييّن يبرّرون غزوهم للجنوب عام 2015 بالحرب ضدّ الدواعش، في حين استخدم علي عبدالله صالح الإرهاب كورقة للإبتزاز المادّي والسياسي لدول الجوار وأمريكا وأوروبا. ولا أستبعد أن يأتي علي محسن والمقدشي غازيين للجنوب من جديد، بحجّة محاربة الإرهاب، الذي هو بمثابة "مسمار جحا".

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
صحافة 24